عندما يرتحل القلب ...
رحلتِ؟ كلاّ ولكن قلبيَ ارتحلا ** فمن يقول إذ أقبلتِ حيّهلا؟
ومن يسافر في قلبي يرى أملاً ** عذباً ويبصر في أطرافه وجلا؟
ومن يصفِّف شعر الليل لا رقصت ** نجومه بعد أن غبنا ولا احتفلا؟
ومن يلقّن ضوء البدر أغنيةً ** كنا نكتمها عن غيره خجلا؟
ومن يطمئنُ نفسي بعد وحشتها ** ومن يجفّف دمعي بعدما انهملا؟
ومن يردّ إلى صبري كرامته ** من بعد ما ضاق عن جرحي وما احتملا؟
رحلتِ؟ كلاّ ولكن بسمتي رحلتْ ** وكلّ ما يجلب الأفراحَ لي رَحَلا
هذا هو الفجر قد جفّت منابعه ** كأنه شفَةٌ لم تعرف القُبلا
وسافرت في مداها الشمس واجمة ** وجوم فاتنة تستعطف الأملا
باتت وفي أذنيها صوت فارسها ** وأصبحت تتلقى خطبها الجللا
يامن تسطّر في سفر الفؤاد هوىً ** قد صار للسحر من تأثيره مثلا
أقفلت باب الرضابعد الرحيل فهل ** علمت أنّ حصان الشوق قد جَفلا؟
وأن أرضي التي غادرتِها لبست ** ثوب الجفاف وصارت بعدكم طللا؟
وأن ذاكرتي صارت مغلقة ** عن غير ذكراكِ لم تحفل بما حصلا؟
وأن طعم حياتي صار بعدكمو ** مراً وكان بكم فيما مضى عسلا
ماذا دعاك إلى بُعدٍ جعلتِ به ** قلبي الحزين لأصناف الأسى نُزُلا؟
أما علمــت بأنــي يامعــذبتــي ** حملــت قلـــبا بحبــلِ الرقـــةِ اتّصـــلا؟
أبيت أحمل هم الناس أحسبني ** من أجلهم شاعرا عن نفسه شغلا
يئّن في القدس شيخٌ بات من ألمٍ ** يبكي فأحسب نفسي ذلك الرجلا
وتشتكي في ربا الأفغان طاهرةٌ ** فكم تلظّى عليها القلب واشتعلا
ما حيلتي في فؤاد لست أملكه ** كم سار في طرقات الهم وانتقلا
إني أقول ونفسي عنك راضية ** والصبر فتّح في قلبي له سُبلا :
لا تسأليني عن الحزن الذي قطفت ** يداه جذع ابتساماتي بما حملا
لا تسأليني فلي ربٌّ ألوذ به ** ولست أبغي به من خلقه بدلا

عبدالرحمن بن صالح العشماوي

Reply · Report Post