الكلب والجثّة...
كُـلْ مِـنْ الجثَّـةِ فالأمَّـةُ تُؤْكَـلْ**إنهـا فُرصـةُ عمـرٍ لا تُـؤجَّـلْ

أمتـي، مليارُهـا مـا زال يشكـو**غفلةً عـن عِـزَّةِ المجـد المؤَثَّـلْ

لم تزلْ ترنو إلى الإصـلاحِ، لكـنْ**سلكتْ درباً إلى الإِفسـادِ أَوْصَـلْ

كُلْ مِـنْ الجثَّـةِ لحمـاً بالمآسـي**وبجور المعتـدي الباغـي مُتبَّـلْ

كُلْ، وكُلْ - يا كَلْبُ - من لحمِ قتيلٍ**أرضُـه بالغـارة الشَّعـواءِ تُقْتَـلْ

جثَّـةٌ جهَّزَهـا رشّــاشُ بــاغٍ**وشواهـا, وإلـى نابِـكَ أَرْسَــلْ

كُلْ مِـنْ الجثَّـةِ فالظَالِـمُ أعطـى**لكَ حقَّ الأَكْـل والنَّهْـشِ وحلَّـلْ

لا تَخَفْ، أنتَ أقَـلُّ القـومِ جُرْمـاً**أنتَ لم تفعَلْ كمـا الظالـمُ يَفْعَـلْ

أنـتَ لسـتَ الآكِـلَ الأوَّلَ منهـا**فرئيـسُ الفِرْقـةِ الرَّعْـنـاءِ أوَّلْ

أتعبـت الأرضَ صراعـاً وخلافـاً**وحروبـاً، حقـدُه فيهـا تـأصَّـلْ

أشعـل الحقـدَ الصليبـيَّ، فلـمـا**أبصر النَّارَ، انتشى عُنْفـاً وأَشْعَـلْ

هكذا الإصلاحُ فـي منطـقِ بـاغٍ**كلَّمـا بَـانَ لَـهُ الحـقُّ تــأوَّلْ

سمـع المصلـحُ بالظلـم، فألقـى**كلَّ ما في يـده اليُسْـرَى وعجَّـلْ

أرسل الأسطول في الجوِّ، وأجـرى**في مياه البحـر أسطـولاً وحـوَّلْ

هَمُّـه أنْ يرفـع الظُّلْـمَ بظـلـمٍ**ويُلاقـي معـول الهـدمِ بِمِعْـوَلْ

همُّـه أنْ يمنـح الأمـنَ عـراقـاً**فأتـى بالقـوَّة العُظْمـى وجَلْجَـلْ

جاء بالأمنِ، ولكـنْ فـي الشَّظايـا**والصواريخ وفي الغـازِ المُخَـرْدَلْ

أَمْنُـه يقتُـل أطـفـالاً صـغـاراً**ونسـاءً، فهـي شـيءٌ لا يُعَـلَّـلْ

صـورةٌ للأمـنِ لا يُبـدعُ فيـهـا**بعد شارون - سوى الرَّاعي المؤَهَّلْ

صـورةٌ شَوْهـاء للأمـنِ رأيـنـا**وجهَها الكالـحَ فـي شَعْـبٍ يُقَتَّـلْ

يَهْدِمُ المسجـدَ والـدارَ، ويرضَـى**حينمـا يُبصـر بيتـاً يتـزلـزلْ

صـورةٌ شَوْهـاء لا ينفـع فيهـا**بُـوْقُ إعـلامٍ، ولا عُـذْرٌ مُهَلْهَـلْ

صورةٌ للأمـنِ يـا ضيعـةَ أمـنٍ**عند قـومٍ حقدهـم فيهـم تَغَلْغَـلْ

لـو سألنـا عنـه بغـدادَ، لقالـت**في دَمِ الفلُّوجـةِ القـولُ المفصـلْ

قصَّةٌ يا كَلْبُ، لـو يسمـع عنهـا**جَبْلٌ صَلْـبٌ عظيـمٌ مـا تحمَّـلْ

قصَّـةٌ تبـدأ مـن آخـر سـطـرٍ**كتبته الرِّيحُ فـي صَفْحـةِ جَنْـدَلْ

نقـل البركـانُ منـهـا كلـمـاتٍ**لم تكن، لولا فَـمُ البُرْكـانِ تُنْقَـلْ

أيُّهـا الآكِـلُ مـن لحـم قتـيـلٍ**ودَّع الأوهامَ،والعَصْـرَالمُضَلَّـلْ

أنـتَ يـا كَلْـبُ مثـالٌ لـوفـاءٍ**فلماذا طَبْعُـكَ - اليـومَ - تحـوَّلْ

هل رأيتَ الآكـلَ الغاشِـمَ يَسْطـو**فتمثَّلْـتَ بـه فيـمـن تمـثَّـلْ؟؟

إنهـا جُثـةُ مَيْـتٍ ليـس فيـهـا**غير سُمّ يقتـل الجانـي وحنظَـلْ

إنَّهـا جُـثَّـةُ إنـسـانٍ، فـهـلاَّ**كنتَ يا كَلْبُ من المحتـلِّ أَفْضَـلْ

عبدالرحمن العشماوي

Reply · Report Post