√√ شخصيات من التاريخ العماني (5) :
& الشيخ أبو مسلم البهلاني &

لا يصدق الدين إلا من يناصحه... ولا يتم بغير النصح ايمان
تلكم وصية حسان لكم ثبتت... فإنني اليوم للإسلام حسان


* نسبــه:

هو إمام العلم والأدب العلامة الكبير أبو مسلم ناصر بن سالم بن عديم بن صالح بن محمد بن عبدالله بن محمد البهلاني الرواحي القبيلة المعروفة في عبس.
فهو ينحدر من أصل أصيل ومن فرع عريق ، فشجرته زكية رائحتها طيبة ثمارها ( ضرب الله مثلاً كلمةً طيبةً كشجرةٍ طيبةٍ أصلها ثابتٌ وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حينٍ بإذن ربها) كان أبوه سالم بن عديم الرواحي أحد أهل العلم في وقته،فكان قاضياً للإمام عزان بن قيس –رضي الله عنه- الذي بويع بالإمامة في عمان ( 1285 هـ – 1287 هـ )، وكان جده عبدالله بن محمد البهلاني قاضيا أيام دولة اليعاربة على وادي محرم .



* مولده ونشأته :

- ولد الشيخ أبو مسلم في أحضان بيت علم وفضل في بلدة محرم أعز بلاد بني رواحه في عمان ، ولد سنة 1277هـ .




* دراسته وشيوخه:



درس الشيخ أبو مسلم علومه الأولية على يد والده سالم بن عديم فحفظ كتاب الله - عز وجل - وتدبر معانيه مما كان له الأثر الواضح في بناء شخصيته علما وأدبا وسلوكا.
ثم انتقل بعد ذلك إلى بلدة ( السيح ) بوادي محرم ، فلازم الشيح حمد بن سليم الرواحي ، فنهل من علومه الفياضة ونبعه الصافي ، فدرس العلوم الشرعية واللغوية .
وكان زميله أيام دراسته وشبيبته على يد الشيخ محمد بن سليم الرواحي صديقه الخل الوفي ، الشيخ أحمد بن سعيد بن خلفان الخليلي كما كانا زميلين في الخلوة الروحانية ، التي اختلياها معا صفاء للروح ونقاء للضمير وطهارة للقلب وشفافية للوجدان وتقوية للصلة بالله تعالى ، وهو الذي عناه في نونيته بقوله :

أرتاح فيها إلى خل فيبهرني … صدق وقصد ومعروف وعرفان

فحال حكم النوى بيني وبينهم … هنا تيقنت أن الدهر خوان

وذلك أن الشيخ يمم شطره نحو زنجبار بلد المهجر وأندلس الشرق وقبلة العمانين .




الوظائف التي عمل بها :

عين الشيخ أبو مسلم لما كان في افريقيا في عهد حمد بن ثويني قاضيا ومستشارا للسلطان حمد بن ثويني ، وبعد ذلك تقلد الشيخ أبو مسلم رئيسا لقضاة زنجبار ، وفي أواخر عمره استقال من مهنة القضاة وانصرف الى التأليف ، كما عمل الشيخ أبو مسلم رئيس تحرير لأول صحيفة عربيه في زنجبار وهي صحيفة النجاح التي ظهر أول عدد لها في شوال ( 1329 هـ / أكتوبر 1911 م ) في أربع صفحات ،واتخذت شعارا لها الأية الكريمه (( ان أريد الا الاصلاح ما استطعت )) ، والحكمة المأثورة (( كل من ثابر على العمل أدرك النجاح )) وقد عمل رئيسا لتحرير هذه الصحيفة بعد الشيخ أبو مسلم الشيخ ناصر بن سليمان اللمكي الذي في عهده اتسع نطاق توزيعها ، لكن لم يكتب لها طول العمر ، اذ احتجبت بنفي محررها اللمكي الى الهند في أول سنة 1332 هـ / يوليو 1911 م .



تلاميذه :

كثيرون نذكر منهم : الشيخ عبد الرحمن بن محمد الرواحي والشيخ عبدالله بن محمد الحبيشي والشيخ أبو محمد برهان بن مكلا من ( جزر القمر ) وسيف بن عبد الله الرواحي و ابن اخيه سالم بن سليمان بن سالم بن عديم البهلاني وابنه المهنا بن ناصر البهلاني وحفيده سالم بن سليمان بن عمير الرواحي .




علاقاته:

ارتبط الشيخ ابو مسلم بعلاقات عديدة مع علماء عصره ، فمن أهل زنجبار : قاضي الجزيرة الخضراء الشيخ سالم بن احمد الريامي والشيخ سليمان بن سيف اليعربي وفارس الشرفاء سليمان بن حميد بن عبد الله الحارثي وكاتب الحضر السلطانية الشيخ سالم بن محمد بن سالم الرواحي والشيخ يحيى بن خلفان بن ابي نبهان الخروصي والشيخ علي بن محمد بن علي المنذري والشيخ راشد بن سليم بن سالم الغيثي وابنائه الخمسة الاقمار وشيخ الشافعية احمد بن ابي بكر بن سميط العلوي الحضرمي والشاعر ابو الحارث محمد بن علي بن خميس البرواني وعبد الباري العجيزي مدير نظارة المعارف بزنجبار .

ومن اهل عمان : رفيق الدراسة الشيخ احمد بن سعيد الخليلي وعلامة مصره نور الدين السالمي والامير عيسى بن صالح الحارثي وشيخ البيان محمد بن شيخان السالمي .

ومن اعيان المذهب الاباضي علامة الجزائر قطب الائمة امحمد بن يوسف اطفيش لقيه بمكة في موسم الحج والشيخ المجاهد سليمان باشا الباروني الليبي والشيخ المفكر قاسم سعيد الشماخي نزيل مصر .

ومن غيرهم رياض باشا رئيس المؤتمر الاسلامي ، وزعماء الحركة الاصلاحية بمصر .



آثاره العلمية ومؤلفاته :

1- العقيدة الوهبية
2- اللوامع البرقية.
3- النشأة المحمدية
4- النور المحمدي.
5- ألواح الانوار وارواح الاسرار.
6- النور الوقاد في علم الاعتقاد.
7- السياسة بالايمان.
8- رسالة الى امام المسلمين سالم بن راشد الخروصي : حررها بتاريخ 14 ربيع الاخر 1333هـ واودعها نصائح ومواعظ وضمنها آراء نيرة وافكار ثاقبة اشار بها على الامام يتجلى من خلالها ابو مسلم سياسيا محنكاً ومجرباً ذا نظر بعيد وأفق واسع .
9- الكنوز الصمدية في التوسل بالمعاجز المحمدية.
10- نثار الجوهر في علم الشرع الازهر.
11- السؤالات.
12- مقالات : نشر بعضها في صحيفة النجاح وبعضها في الصحف المصرية .
13- ديوان شعر : ويعتبر ديوان ابي مسلم اول ديوان لشاعر عماني يتم طباعته يضم عشرات القصائد في اغراض متفرعة .




ديوان ابي مسلم:

ملك ابو مسلم نواصي البيان نثرا وشعرا وشهد له اهل العلم بحسن اقتداره في هذا الجانب فسماه النور السالمي ( شاعر العرب ) ولقبه قطب الائمة ( شاعر العصر).
يروى انه رأى في منامه وهو صغير نمل ابيض يخرج من فمه فاخبر الشيخ احمد بن خلفان الخليلي فقال له سيفتح الله لك باب الشعر على مصراعيه ، وقد بدأ يهتف بالنظم ولما يبلغ العشرين من عمره واوتي نفسا رحمانيا في الشعر وخاصة بما يتعلق بالاذكار والسلوكيات وتتجلى في ابتهالاته صورة الناسك المتعبد المتبتل اما في الفقه فهو محقق مدقق قوي المأخذ عميق التأصيل وفي علم التوحيد متكلم ضليع واثاره تنطق سعة افقه وبعد نظرته وحسن سياسته وتفتحه على هموم امته ما يجعله بجدارة احد رواد النهضة الاصلاحية في عصره .


وفاته

توفي الشيخ العلامة ابي مسلم ناصر بن سالم بن عديم البهلاني بعد حياة مليئة بجلائل الاعمال بتاريخ 1 صفر 1339هـ الموافق 15 أكتوبر 1920م ، وشيع جنازتة الألوف من مختلف الفرق الاسلامية ، وبذلك يكون قد عاش عمرا قدره اثنان وستون عاما ، رثاه حفيده الشاعر سالم بن سليمان بن عمير الرواحي بقصيده مطلعها : ـ

اليك اليك عني يا دفار **** فانك لست لي ابدا بدار

الى أن قال :

أيا رحم المهيمن خير حبر **** دفناه بأرض الزنجبـــــار

كما رثاه ابن اخيه الشاعر سالم بن سليمان بن سالم البهلاني قصيده مطلعها : ـ

العلم بعد ابي المهنا مطرق **** وارى القريض شموسه لا تطرق

رحم الله الشيخ العلامة ابي مسلم رحمة راسعه واسكنه فسيح جنته .



(( على الله احسان الخواتم انه **** اذا شاء بين العبد والخير جامع ))

Reply · Report Post