√√ شخصيات من التاريخ العماني (3) :

(الامام نور الدين السالمي)


عجبا من نعشه تحمله فتية ** وهو على الكون اشتمل
جمع العالم في حيزومه ** اترى العلم في القبر نزل



** أسمة ونسبة ومولده ** :

وهو العلامة المحقق الشيخ نور الدين عبد الله بن حميد بن سلوم بن عبيد بن خلفان بن خميس السالمي الضبي ، أما والده فهو الشيخ حميد- رحمه الله- كان ذا فضل وعلم وتقوى، فقد ولد شيخنا عبد الله بن حميد ببلدة الحوقين من ولاية الرستاق العمانية عام 1286هـ وفي بعض التراجم المكتوبة عنة تحديد ولادتة بعام (1284 ) أو (1288 ) وحفظ القرآن الكريم على والده الشيخ حميد رحمه الله.
كف بصرة وعمرة عشر سنوات أو اثنتا عشرة سنة وقد عوضة الله تعالى بقوة عجيبة في الذاكرة وشدة في الذكاء والفطنة.



** كنيته **:

كني الإمام نور الدين السالمي بكنيتين :
أولاهما : يكنى بأبي محمد وذلك نسبة إلى أكبر أبنائه محمد بن عبدالله السالمي .
ثانيهما : يكنى بأبي شيبة نسبة إلى لقب ابنه الأكبر الذي كان يلقب بالشيبة وقد اشتهر بذلك حتى إن الإمام أبا مسلم البهلاني ناداه في إحدى مراثيه بقوله :
يــــا أبا شيبة من أرجو لها ** حـــسبي الله إذن عـــز وجــــل
يا أبا شيبة عـــزّ المــلتقـى ** وقــطين الــرمس مقطوع النقـــل
يـــا أبا شيبة عــزّت حيلة ** دفــاع المــوت أو وصـل الأجــل



** لقبه **:

اشتهر الإمام السالمي بلقب (نور الدين السالمي ) وله ألقاب أخرى تدل على عظم مكانته عند الناس أعند أقرانه العلماء ، فعلى سبيل المثال : يلقب بشمس العصر ،و بوحيد الدهر ، والعلامة المحقق فخر المتأخرين



** صفاتة وأخلاقة ** :

أ‌) صفاته الخَلقية :
لما بلغ الإمام السالمي العاشرة من العمر وقيل الثانية عشر كُف بصره ،فأبدله الله تعالى ببصيرة فذة ، فكان حافظا قوي الذاكرة ، لا يكاد يسمع شيئا إلا وعاه وهي خاصية أودعها الله تعالى فيه . أما صفته فنوردها من كلام ابنه محمد حيث قال عن صفته : "كان ربع القامة ، تعلوه سمرة ، ليس بالسمين المفرط ، ولا بنحيف الجسم ‘ مكفوف البصر ، نير البصيرة ، مدور اللحية ، سبط الشعر ) .

ب‌) صفاته الخُلقية :
كان –رضي الله عنه – شديد الغيرة في ذات الله تعالى ، لا تأخذة لومة لائم ، يقول الحق ، وينطق بالصدق ، مشهور بالبسالة ، والصلابة ‘ كثير الرد على من خالف ملة الإسلام ، مشغول البال بأمته ، يفرح بما ينفعها ، ويحزن لما يضرها ، وإنه ليكتئب إذا أصيب أحدج من الأمة يحدث ولو بالصين ، لا تخلو مشاهده الكريمة من فائدة دينية أو عائدة دنيوية ، أوشاردة أدبية ، مشتغلا بتدريس العلم والتأليف ، والصلح بين الخصوم بالحكم الشرعي ، كان خطيباً منطيقاً ، يرتجل الخطب الطوال في المجامع والمحافل ، حسب ما يقتضيه المقام من السعي في إصلاح الأمة وجمع الشمل ، يرغب ويرهب بأبلغ بيان وأفصح لسان .
كان جوادا سخيا ، قل ما أكل طعاما وحده ، لازدحام الضيوف بناديه وكثرة ملازميه .
كثير التفقد والتعرف على حاجة إخوانه وتلامذته ليواسيهم ، كان قد عزف نفسه عن التوسع في الدنيا والسكون إليها .
كان عظيم الهيبة لا ينطق أحد في مجلسه إلا أن يكون سائلا أو متعلما ًأو ذا حاجة جدية .
كان كثير التضرع إلى الله ، فتراه في بعض الأحيان في مجلسه أو في الطريق أوفي مصلاه ، وقد رفع يديه إلى السماء قائلا :
لبيك اللهم لبيك ثم يبسط يديه ويقول : اللهم اجمع الشمل ، وألف بين القلوب ، وأيد الكلمة ، ونحو ذلك من الأدعية .
كان كثيراً ما يقول : اختبرنا الله فوجدنا كاذبين ، يتأوه كثيرا لما يراه في الناس من الاختلاف ، وعدم الجد فيما يعود على حياتهم بالسعادة ، ولما يراه من الفساد في البلاد ، فتراه قد قطع حديثه وتنفس الصعداء قائلا : ذهب الوفاء ، ذهب الدين ، ذهبت المرؤة ، ذهبت الغيرة ، ذهبت الحمية ، طمع فينا الخصم ، طلبنا بالمكائد ، نصب لنا الحبائل فإنا لله وإنا له راجعون .



** رحلته إلى الشرقية **:
كان الإمام نور الدين السالمي وهو بالرستاق يسمع عن الشيخ المحتسب المجاهد صالح ابن علي الحارثي ( رحمه الله ) أحد أقطاب عمان في ذلك العصر الذي كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فأعجب بسيرته فشد رحله إليه سنة 1308 هـ ، وكان أول ما وصل إلى الشرقية أقام عند الشيـخ سلطان بن محمد الحبسي في بلد المضيبي من شرقية عمان ، ومنها ذهب ليزور الإمام المحتسب صالح بن علي الحارثي ، وفي أثناء الجلسات معه أعجب الإمام المحتسب بنور الدين السالمي وأغراة باستيطان القابل فأصبح مدار الفتيا ومورد الوفود والتلاميذ لتلقى العلم عنة كانت له دروس في أصول الدين والتفسير والحديث وأصول الفقة والنحو والمعاني والبيان والنطق .
كان مولعا بجمع الكتب النادرة والعكوف على الاطلاع عليها .
فوجد الشيخ ضالته وهناك أقام متعلما ثم مدرّسا فألف وعلّم وخرج على يديه أفذاذ عمان الذين ذاع صيتهم وما زالت بركاتهم تنهمر على عماننا إلى يومنا هذا .
وفي سنة 1314هـ توفي الشيخ المحتسب صالح بن علي الحارثي (رحمه الله) فكان لوفاته الأثر الكبير على النور السالمي ، فأصبح الحمل عليه أثقل من قبل والمعاناة في أمور المسلمين أكثر من ما مضى ، وتمر الأيام وتتعاقب الشهور والأعوام والنور السالمي قائم بدور رائد الإصلاح معلما ومنبها حتى عام 1323هـ ففكر في الذهاب إلى أداء فريضة الحج عام 1332ه وهناك إلتقى بعلماء الإسلام من مختلف المذاهب وتناقش معهم فيما يخص المسلمين فاطلع على كثير مما يحيكه أعداء الإسلام ضد المسلمين وخاصة ضد رواد الإصلاح ، وفي رحلته هذه اطلع على كثير من علوم الحديث واقتنى كثيرا من كتبها ثم عاد أدراجه إلى عمان لمواصلة مشوار نشر العلم والقيام بالإصلاح السياسي فبدأ بالاتصال بالأعيان في مختلف الأماكن من عمان للقيام بأمر الإمامة حتى وفقه الله .
فعقدت الإمامة لإمام العدل والإحسان سالم بن راشد الخروصي ( رحمه الله ) .

وقد قسم محقق ( روضة البيان ) حياتة إلى ثلاث مراحل
( المرحلة الاولى ): منذ ولادتة إلى أخر إقامتة بالرستاق عام 1307ه .
( المرحلة الثانية ) : مابين 1308- 1314 للهجرة زمن هجرتة إلى الرشرقية والتحاقة بشيخة صالح بن علي الحارثي لما سمع عن مسعاة في اعادتة الاماة وخلال تلك المرحلة تهيأ له الجو العلمي المناسب للتدريس والتأليف ببلدة القابل .
( المرحلة الثالثة ): مابين 1315- 1332 ه أي بعد وفاة شيخة الحارثي وقد قام بدور أساسي في نشر العلم والدعوة لتوحيد الصف وإعادة الامامة بعد أن برز التدخل الاجنبي .
وقال عنة أحد مترجمية : أجابات الشيخ على الاسإلة تبين أن فكره يستجيب إلى الامه في مجملها وأنه لايحصر اهتمامه بطائفة دون أخرى وذلك يؤكد اندراجة في طبقة زعماء الاصلاح التي عرفها العالم الاسلامي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر والرابع عشر والربع الاول من القرن العشرين ( ندوة المنتدى الادبي : قراءات في فكر السالمي صفحة 117) .
وقد أثنى علية علماء عصرة ووصفوه بالتعمق في العلم والتدقيق في مسائلة من ذلك قول الاستاذ عزالدين التنوخي ( عضو المجمع العلمي العربي بدمشق ) رحمه الله في مقدمة تحقيقة لشرح الجامع الصحيح للشيخ نور الدين السالمي )) انتهت إلية رئاسة العلم بعمان وظهر ذلك في تآليفة الجامعة في مختلف الفنون الشرعية والعربية مع التحقيق في مسائلها والاجادة في تأليف كتبة ورسائلة ..)).
وقال عنة الشيخ أبو إسحاق إبراهيم اطفيش ( مراجع دار الكتب المصرية ) رحمه الله في تقديمة لكتاب جوهر النظام للشيخ نور الدين السالمي : كان معروفا بغزارة العلم والاجتهاد إلية انتهت رئاسة العلم – فيما بلغنا – بعمان وظهر ذلك في تأليفة الجامعة في مختلف الفنون .
وفي الندوة التي عقدت تكريما للشيخ نور الدين السالمي آرء العلماءالمعاصرين الذين كتبوا عنه وعلى رأسهم سماحة الشيخ أحمد الخليلي ( عضو مجمع الفقة الاسلامي بجدة )






** مــشايخـه **

من كانت هذه صفاته فلا بد وأن يكون قد مر بمراحل متعددة وأخذ من مشائخ متعددين واستنار بنورهم وأخذ من علمهم وفكرهم وللإمام نورالدين السالمي مشائخ كثيرون يصعب حصرهم ، وإنما نذكر أهمهم فإليكهم :-
(1) الشيخ المحتسب الأمير صالح بن علي الحارثي 1250-1314هـ ولد بولاية القابل عام 1250هـ ، توفي عنه أبوه وهو صغير فزاده ذلك رغبة في طلب العلم فرحل إلى علامة عصره الشيخ سعيد بن خلفان الخليلي فأخذ عنه إلى أن أصبح ممن يشار إليهم بالبنان فرجع إلى بلده ومسقط رأسه معلما ، وآمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر مصلحا لما اعوجّ من الأمور ، وكان ممن تتلمذ على يديه النور السالمي فقها وفكرا وسلوكا وهكذا مرت أيامه إلى أن توفاه الله سنة 1314هـ .
(2) الشيخ راشد بن سيف بن سعيد اللمكي 1262-1333هـ ولد بمحلة قصرى من الرستاق وترعرع هناك إلى أن أصبح قاضيا ومعلما وممن تتلمذ على يديه النور السالمي وكان مناصرا للحق وناصحا للمسلمين إلى أن توفاه الله في الرستاق سنة 1333هـ .
(3) الشيخ ماجد بن خميس بن راشد العبري 1252-1346هـ ولد هذا الشيخ سنة 1252هـ بالحمراء فرحل إلى الرستاق لأخذ العلم عن علمائها حينئذ ، وبعد أن أخذ قسطا وفيرا من العلم استقر هنالك وبدأ يدرّس وكان ممن درس على يديه الإمام نور الدين السالمي وخاصة في علوم اللغة والأدب إلى أن هاجر كل منهما فالسالمي هاجر إلى الشرقية والشيخ ماجد رجع إلى مسقط رأسه الحمراء مدرّسا ومعلّما إلى أن توفاه الله سنة 1346هـ .
(4) عبدالله بن محمد الهاشمي وهو من شيوخ الرستاق .


** تلاميذته ** :

وما أحسن ما قاله أحد العلماء المغاربة في مقدمة ترجمته للنور السالمي في كتاب جوهر النظام " تلاميذه كثير لا نبالغ إذا قلنا إن رجال العلم اليوم بعمان جلهم من تلاميذه وقد نبغ منهم كثير " .
نعم لقد نبغ منهم كثير وتولوا أعمالا عظمى وقادوا هداية الأمة في ميادين شتى فمنهم من تولى الإمامة العظمى وضرب أروع الأمثلة في العدل والورع والزهد كالإمام سالم بن راشد الخروصي ( رحمه الله) والإمام محمد بن عبدالله الخليلي (رحمه الله) ومنهم من تولى ولاية بعض الأقاليم قضاء وتدريسا وبناء ، فضرب أعلى أمثلة للوالي المسلم وما ينبغي أن يكون عليه من زهد وورع وخدمة للناس ، ومن هؤلاء الصنف أبو زيد الريامي الذي تولى إدارة بهلاء .
وبحق كان تلاميذ الإمام النور السالمي شعلة اتقدت في ذلك الزمان ولا تزال تنير في سماء عمان إلى يومنا هذا وإلى أن تقوم قيامة الناس إلى رب العباد ، وعلى كل فأنا لست بصدد حصر تلاميذ النور السالمي وإنما أذكر بعضا منهم :-
(1) الإمام العادل سالم بن راشد الخروصي 1301هـ- 1338هـ لازم النور السالمي منذ بلغ الحلم إلى أن عقدت له الإمامة العظمى في الثاني عشر من جمادى الثانية سنة 1331هـ وكانت له منزلة خاصة عند النور السالمي حتى إنه زوّجه ابنته وبقي في إمامة المسلمين آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر منفذا لحدود الله حتى توفي شهيدا في سبيل الله فقتل ليلة الخامس من شهر ذي القعدة 1338هـ .
(2) الشيخ أبو مالك عامر بن خميس المالكي 1280-1346هـ كان أبوه فقيرا وأراد أن يمنعه من الدراسة حتى يتفرغ لكسب المعيشة ولكنه لم يستسلم للواقع ، فلازم حلقات النور السالمي حتى أصبح ممن يشار إليهم بالبنان ، وتولى القضاء والتدريس والتـأليف ، ومن تآليفه (غاية المرام في الأديان والأحكام ) كتاب منظوم في الأحكام وغيره ، توفي إلى رحمة الله في الخامس من رمضان 1346هـ.
(3) الشيخ العلامة عبدالله بن عامر العزري المتوفى سنة 1358هـ نشأ مكفوف البصر ولكن الله (سبحانه وتعالى) وهبه ذكاء وحفظا ، وأصبح من تلاميذ النور السالمي العباقرة وبعد حين سافر إلى زنجبار واستفاد منه الناس هنالك ثم رجع أدراجه إلى موطنه فتولى منصب القضاء في إبراء و نزوى إلى أن توفاه الله يوم الاثنين السادس عشر من شوال سنة 1358هـ فرحمة الله عليه .
(4) الشيخ الوالي العامل أبو زيد عبدالله بن محمد الريامي 1301-1364هـ هاجر أبو زيد من بلده ازكي بداخلية عمان إلى النور السالمي بها للشرقية قصدا لتحصيل العلم والعمل حتى أصبح من أخص تلاميذ النور السالمي بل إنه اتخذه كاتبا خاصا له فأكثر مؤلفات النور السالمي مكتوبة بخطه وعينه الإمام سالم واليا له على بهلا وبعد وفاته مدد إليه الإمام محمد بن عبدالله الخليلي حتى وافته منيته والمسلمون عنه راضون ولسعيه شاكرون فتوفي في الثالث من رجب سنة 1364هـ .
(5) الشيخ الأمير عيسى بن صالح بن علي الحارثي 1290-1365هـ.وهو ممن لازم الشيخ السالمي وخاصة بعد وفاة والده ، فأخذ عنه العلم وكان مضرب المثل في التقوى والعمل الصالح ، وكان رجلا شجاعا مقداما نصر الحق وأهله ، وله مؤلفات منها : رسالة في منع الإسقاط بالجوائح وغيرها .
(6) الشيخ أبو الوليد سعود بن حميد بن خليفين المتوفى سنة 1373هـ لازم الشيخ السالمي منذ مراحله الاولى ، حتى إن الشيخ السالمي اختاره كاتبا وقارئا نظرا لحسن خطه وجودة صوته ، فأصبح بعد ذلك ممن يشار إليهم بالبنان حتى لقبه الإمام الخليلي" بشمس القراء وداهية العلماء" تولى مناصب القضاء للإمام سالم بن راشد الخروصي والامام محمد ابن عبدالله الخليلي اكثر من خمس وثلاثين سنة توفي (رحمه الله) لست بقين من أشهر الربيعين سنة 1373هـ .
(7) الإمام العادل الولي محمد بن عبدالله بن سعيد بن خلفان الخليلي 1299-1373هـ كان من بيت شرف وعلم أخذ مبادئ العلم عن والده وعمه أحمد بن سعيد الخليلي ثم هاجر لطلب العلم ، فتتلمذ على يدي الشيخ السالمي وعنه أخذ الفقه وأصوله ، وبعد وفاة الإمام سالم بن راشد الخروصي بويع له بالإمامة في يوم الجمعة الثالث عشر من ذي القعدة 1338هـ فسار في المسلمين سيرة حسنة وعرف بالزهد والورع والعدل والعلم والشجاعة حتى توفاه الله يوم الاثنين ليومين بقين من شهر شعبان سنة 1373هـ فرحمة الله عليه .



** وفــاته **:

بعد رحلة طويلة مفعمة بالجد والاجتهاد والإخلاص والعمل الجاد في خدمة الإسلام والمسلمين علما وعملا قيادة وإصلاحا بناء وتأليفا ، وبعد أن وفقه الله لما يصبو إليه ويتطلع له أصيب في طريقه إلى بلد الحمراء حين ذهب لمناقشة علمية مع شيخه ماجد بن خميس العبري أثر اصطدامه بغصن شجرة أمبا ( مانجو ) ونقل إلى بلدة تنوف من أعمال نزوى وبعدها بأيام فارق الحياة ذاهبا إلى ربه وصلى عليه تلميذه أبو زيد محمد بن عبدالله الرامي وذلك بعد العتمة من ليلة الخامس من أغر الربيعين سنة 1332هـ ، وقبره لا يزال موجودا ومعروفا ببلدة تنوف على سفح الجبل الأخضر ( فرحم الله نور الدين السالمي وأسكنه فسيح جناته ونفعنا بعلمه وسيرته وقيض لنا من أمثاله ).
رثاه أعظم شعراء عمان وقال عن نور الدين السالمي الشاعر الكبير أبو مسلم ناصر بن سلم الرواحي في قصيده المشهور:
نكسي الأعلام يا خير الملل رزىء الإسلام بالخطب الجلل

** ثناء العلماء عليه **:

إن للإمام السالمي (رحمه الله) المنزلة العظمى في قلوب العمانيين وغيرهم العامة قبل الخاصة فقد كان مهاب الجانب عظيم المنزلة في القلوب وأثنى عليه العلماء من عمان وخارجها من المذهب وغير المذهب يقول الشيخ عز الدين التنوخي عضو المجمع العربي بدمشق سابقا في مقدمته لشرح الجامع الصحيح للإمام نور الدين السالمي " .. وإذا اطلع المصنف على هذا الشرح وجد الشارح واسع الإطلاع وألفى شرحه واضحا مبينا وتعابيره صحيحة فصيحة أسلوبها المساواة فلا هي مسهبة مملة ولا مفرطة الإيجاز مخلة ، وأما أبحاثه فيها فإنها تدل على اعتدال في التحقيق وبعد عن التعصب " ويقول في موضع آخر " وإن الإنسان ليعجب كيف استطاع أن يؤلف تلك المكتبة في عمره القصير وهو لم يبلغ الخمسين " ويقول عنه الشيخ أبو إسحاق إبراهيم اطفيش الجزائري في مقدمة جوهر النظام " كان محبوبا معظما عند الأمة كلها كما إليه انتهت رئاسة العلم وقوله الفصل ولا فرق في ذلك بين أمير وملك وعالم وبين سائر الأمة "
ويقول عنه شيخنا المحقق أحمد بن حمد الخليلي عند كلامه في الندوة التي أحياها المنتدى الأدبي تكريما له " .. وإنني أؤكد بأن حياة هذا الإمام مهما تحدث عنها المتحدثون ، وألف فيها المؤلفون لما أوفوها حقها فحياته (رحمه الله) حافلة بجليل الأعمال وإنني لا أجد جملة موجزة تتحدث عن مقام هذا الإمام كما وجدتها في شطر بيت قاله شاعر العرب الشاعر الإسلامي الكبير أبو مسلم في قصيدة رثاه فيها عندما قال"جمع العالم في حيزومه "
وكفى بها وصفا لهذا الإمام لجليل كما أنني لا أنسى كلمات عذبة قالها شاعر عمان الكبير الشيخ عبدالله بن علي الخليلي في وصف هذا الإمام وإرادته عندما قال الذي هم فضاقت عن هممه همم الدهر وأراد فعجزت عن نفي إرادته إرادة الزمن "

** رثاؤه ** :

رثي الإمام السالمي بمراثي عديدة من الشعراء وخاصة العمانيين ، وأشهر تلك المراثي قصيدتان للشاعر الإسلامي الكبير أبي مسلم ناصر بن سالم بن عديم الرواحي المتوفى سنة 1339هـ فلم يترك لقائل بعده مقالا ولا لشاعر بعده مجالا، وأنا أقتطف بعض الدرر منها:-

أ‌- قال أبو مسلم في اللامية:
نكسي الأعلام يا خير الملــــل **رزئ الإسلام بالخطب الجلل
وانتثر يا دمع أجفان التقــــى** قد أصيب العلم واغتيل العمل
وانفطر يا قلـب واستقصي الأسـى** إن حبل الدين بالأمس انبتل
يا رجال العلم أودى قطبكـــم بل** جميع العلم أودى والعـمل
فتـكت بالسالمي المرتضــــى**غارة شعواء ما عـنها حـول
....................... ........................
عـجبا مـن نعـشه تحـمله فـتية** وهـو عـلى الكون اشتمل
جـمع الـعالم فـي حيزومه** أتـرى العـالم فـي القــبر نزل

Reply · Report Post