Khalid Saqr · @KHALEDSAQR
8th Sep 2014 from TwitLonger
حول علاقة الماركسية بالداروينية
لاشك أن الماركسية في عصرها الأول قد استدعت الداروينية كإطار "علمي" مساند للأطروحات التفسيرية التي قدمتها الماركسية كحلول لفهم التاريخ.
لكن الذي يحتاج لوقفة صارمة و دقيقة هو القدر الذي اعتمدت عليه الماركسية من الداروينية في صياغة تلك الأطروحات.
فالحقيقة - و على عكس الشائع - أن الماركسية قد نشأت كفلسفة مستقلة بذاتها عن الداروينية ، بل إن الداروينية قد تم استدعاءها للإطار الماركسي في وقت متأخر نسبياً ، فإن كتاب داروين "أصل الأنواع" قد نشر في 1859 ، و أول دليل على إعجاب ماركس بفكرة الانتخاب الطبيعي قد جاء في رسالة كتبها ماركس إلى إنجلز في عام 1860 ، و الحقيقة أن الماركسية كانت قد تبلورت قبل ذلك بوقت ليس بالقصير منذ أن كان ماركس رئيس تحرير صحيفة "Rheinische Zeitung" في كولونيا عام 1843 ، إلى تاريخ صدور "البيان الشيوعي" في 1848 والذي تلاه عدد من المحاضرات و الكتابات عن الاقتصاد السياسي و صراع الطبقات و الجدلية المادية والتي ألقاها و ألفها ماركس و إنجلز في عدد كبير من أنشطتهما في مختلف البلدان الأوروبية و خصوصاً مقالاته في جريدة The New York Daily Tribune التي قدمت الماركسية بقوة إلى القارئ الأمريكي في عام 1853...
لذلك أقول : أنه على الرغم من أن ماركسية القرن التاسع عشر و تطبيقها السوفيتي في القرن العشرين تتمتعان بصلة قوية مع الداروينية ، إلا أن تلك الصلة ليست أصولية و لا حتمية ، بمعنى أن الماركسية لا تحتاج للداروينية لكي تبقى كإطار فلسفي تفسيري مستقل للتاريخ و نسق من الأدوات و الأفكار التي تواجه الرأسمالية الاحتكارية بتجلياتها المتنوعة ، وبمعنى أننا في القرن الحادي و العشرين نستطيع - وبسهولة - تحرير الماركسية من التأثيرات الداروينية التي باتت أشبه ما تكون بميتافيزيقا قروسطية ، و كذلك تحرير الماركسية من الحتمية الفيزيائية التي تلاشت مع انقضاء النصف الأول من القرن العشرين.